بوركت أيتها الجباه العالية
أقوى من الزلزال أنتِ
من الردى
ومن العلو
نراك أعلى و من أفق السماء العالية
آن الأوان لتُكسري يا صخرة الصمت الطويلْ
آن الأوان لتشمخي يا نخلة الحلم الجميلْ
آن الأوان لكي نرى
تعبت عيون المبصرين من العمى
تعبت رموش الفجر من هذا الدجى
آن الأوان لكي نرى
ميْت هو الشخص الذي ما عاد بعد الآن شخصاً مبصرا
ميْتٌ وإنْ لعب الهواء بصدرهِ
ميت وإنْ لم يندرس في قبرهِ
بوركت أيتها الجباه العاليةْ
بوركت قد حطمت أوهام الغصون الكاذبةْ
و فضحت أقنعة الغرابْ
وقذفت حبلا للغريق بوحل معسول الكلام لكي يحدد قاربهْ
ويرى الغراب وإنْ تمادى بالهديل هو الغرابْ
سيعود كنزا في أصابعنا الترابْ
إن عاد كنزا في مشاعرنا الترابْ
* * * * * * * * * * * * * * *
بوركت يا نزف الشهيدْ
أنت النديّ ،
أنت الوديع وإنما أقوى وأجدى من خرافات الحديدْ
صدئت بنادقنا بأقبية الجليدْ
لكن نزيفك دافئ ، جمر يذيب جليدنا
ويصير فجرا في دياجير الوريدْ
بوركت يا نزف الشهيدْ
* * * * * * * * * * * * * * * * *
دمنا ينادي حمرة الشفق المسجى في المساءْ :
لوّن دماء القوم يا نزف السماءْ
اسودّ نزف القوم من خمسين عامْ
خمسين عاما تسكن الصحراء أمزجة الدماءْ
يتشاجر الدم مع خمول الأوردةْ
يتلاعنانْ
يتبادلان الاتهامْ
طار الحمامْ
والحقل يلعق حبل بئر سافرت من قعره كل النجومْ
والغيم في بحر عميق يمتطي ظهر الغيابْ
ما زال في رحم الترقب ليس يدري مولدهْ
يتشاجر الدم مع خمول الأوردةْ
يشتاق - كي يحمرّ- أحضان الحرابْ
يشتاق جدا مولدهْ
والبومْ
بفضاء سوق القرية الخالي تحومْ
يشتاق حبل البئر أحضان النجومْ
يشتاق عطش البئر أقداح الغيومْ
يتثاءب النجم المعلق فوق أوعية الشخيرْ
ويكاد يطفئ شعلة الجسم السقيمْ
يقتات عقم الحقل من وجع الدلاءْ
عطشى الدلاء عطشى الدلاءْ
فلتمطرينا يا سماءْ
صدئت مناقير الصقورْ
حطت على أرض خواءْ
نبتت بظل عظامنا هذي القبورْ
وتعلمت أقدامنا لغة الوراءْ
ملّ الهواء غطيطنا
ملّ الضحى أجسادنا
ملئت رمادا فاضحا
لوّن دماء قلوبنا بالجمر يا شفق السماءْ
حرّك تماثيلاً على سفح الزمانْ
املأ عروق الأرض دحنونا وزيتونا لكي يحبو المكانْ
يا ثعلب الدم راوغ العرق العنيدْ
راوغ جفاف البئر في الحقل العنيدْ
راوغ رموش النوم
وجهها إلى قمم الفضاءْ
تحتاج قافلة الدماء موائد النخل السمينْ
تحتاج كي تبقى إلى أقوى حداءْ