سن الطفولة، من مراحل العمر التي يتمتع بها الطفل غاية المتعة ويحس بالسعادة وهي المرحلة الذهبية في عمر الإنسان، هكذا يوصفها الكثيرون من المهتمين بالطفولة ومشاكلها. وفي الوقت الذي نتحدث فيه عن الطفولة ومتعتها فإن أطفال الصين يعيشون حالة من القلق على مستقبلهم، ومن الضغط النفسي، نتيجة ما يتعرضون له في المدرسة التي تفرض كماً هائلاً من الواجبات المدرسية على تلامذتها في مختلف المراحل، إلى جانب بعض النشاطات الاجتماعية.
بابا أنا لست سعيداً في المدرسة قالها الطفل شين يون البالغ من العمر 11 سنة، فوجئ الوالد الطبيب. مدير مشفى في غانزو بما رآه من حالة تعيسة يعيشها طفله رغم الأجواء المادية المريحة، ورغم ما يقدمه الوالدان من وسائل لإسعاد طفلهم الوحيد نحن أسرة سعيدة ومتوسطة الثراء، نقدم للطفل كل ما يحتاجه ويسعده، لكن كل هذا لم يجلب له السعادة، ولا أعلم ما أفعل؟ هكذا ختم الطبيب المسؤول كلامه.
الكثير من الآباء في الصين يشاركون الدكتور شين معاناته مع ولده. وقد أجرى مراسل الإذاعة الصينية تحقيقاً في المدارس الثانوية والمتوسطة والابتدائية وتوصل إلى نتيجة مفادها أن المشاكل التي يعانيها التلاميذ ليست بسيطة بالرغم من توفر العناية والحياة المادية الرغيدة لبعض منهم.
شينغ يونغ تلميذ في الصف الخامس الابتدائي، يستيقظ كل يوم في الساعة السادسة صباحاً وينام في الساعة الحادية عشرة ليلاً يحضر واجباته المنزلية حتى الساعة العاشرة ليلاً، التقى به مراسل الإذاعة، وقد كانت نظارته على أنفه، لا يوجد وقت لدي للعب. الواجبات المدرسية لا تدعني أفعل أي شيء آخر قالها بكل حسرة وتأوه.
يلاحظ في مدينة غافزو شيء فضولي يلفت الأنظار وهو حقيبة التلميذ، حيث يترنح الطفل تحت ثقلها، دفاتر وكتب كثيرة يضطر التلميذ إلى حملها أحياناً على الدراجة نظراً لثقلها الكبير. وللتحضير للامتحانات لابد له من السهر حتى الصباح، وهذا حال الكثيرين من زملائه الذي يضطرون إلى السهر حتى ساعات متأخرة في الليل، فهو منهك ومتعب دائماً طالب ما يزال في الصف الثالث المتوسط.
كما يضطر بعض التلاميذ إلى متابعة محاضرات تعليم الحاسب الآلي بعد الانتهاء من الدوام المدرسي نزولاً عند رغبة أوليائهم.
أما النشاطات الترفيهية الأخرى كالموسيقى والرسم فغالباً ما تكون بعيدة عنهم، ويضطر الأولياء إلى ممارسة ضغوط على أولادهم تحت تأثير ضغوط المدرسة أوالمنافسة التي تحدث بين الأسر في المجتمع، وهذا ينعكس سلباً على التلميذ حيث يلزم بأعباء تفوق قدراته وطاقاته أحياناً. وفي الصين عندما يتقدم الطالب إلى اختبارات القبول في الجامعة فإن هذا الاختبار يكون بمثابة سيف على رؤوس الطلبة.
وأمام هذا كله تتوالى الدعوات رسمية وغير رسمية إلى إعادة النظر حول البرامج التعليمية والمناهج لتكون المدرسة مكاناً يشعر فيه التلميذ بالمتعة والراحة النفسية لا بالعذاب والإرهاق.